ما هو الارتجاج الدماغي؟

ما هو الارتجاج؟

الارتجاج الدماغي هو إصابة في الدماغ بسبب الاصطدام المباشر، أو نتيجة للتسارع أو التباطؤ المفاجئ لحركة الدماغ داخل الجمجمة (كما يحدث في حوادث السير أو عند هز الرأس بعنف). بعبارة أخرى، يمكن تعريف الارتجاج الدماغي على أنه إصابة ناتجة عن حركة غير متحكم بها تؤدي إلى ارتطام الدماغ بالجزء الداخلي من عظام الجمجمة الصلبة وغير المرنة. وبالتالي، يمكن أن يكون أفضل وصف للارتجاج الدماغي هو متلازمة " الدماغ المهتز" (حيث تعرف المتلازمة بأنها مجموعة من العلامات والأعراض الطبية المرتبطة ببعضها). ويمكن أن تتمثل علامات وأعراض حدوث الارتجاج الدماغي على المدى القصير في اضطرابات في المقدرة البدنية، ووظيفة الإدراك، والاستقرار العاطفي و/ أو النوم. تختلف شدة هذه الأعراض بشكل كبير، وعليه لا يمكن دائما الكشف عن حدوث إصابة الارتجاج الدماغي من العلامات والأعراض. فالارتجاج الدماغي إصابة "خفية" بدون علامات واضحة مثل العرج أو النزيف ما يجعل تشخيصه صعباً، حيث يتطلب الكشف عنه إجراء فحوص صحيحة وشاملة.
 

لماذا نحن بحاجة إلى برنامج خاص بالارتجاج الدماغي؟

نظراً لكون الارتجاج الدماغي "إصابة خفية" قد لا تلازمها علامات واضحة مثل العرج أو النزيف، فإنه يمكن بسهولة عدم اكتشافه. وتعد توعية العامة، واللاعبين، ومسؤولي الرياضة، ومقدمي الرعاية الصحية أمرا ضروريا لتمكينهم من التعرف على هذه الحالة الصحية، حيث أن المعرفة المبكرة والعلاج المناسب ضروريان لتقليص فترة التعافي واتقاء حدوث المضاعفات. أيضا، تؤدي مواصلة اللعب مع وجود إصابة بالارتجاج الدماغي إلى ضعف الأداء وزيادة خطر احتمالية حدوث إصابات أخرى. وقد شددت الهيئات الرياضية الدولية مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على أهمية إدارة إصابات الارتجاج الدماغي بشكل صحيح، إضافة إلى تنفيذها لتدابير يمكن لمس تبعاتها على المدى البعيد، مثل التعديلات على قواعد اللعب.

وتتبنى الهيئات الرئاسية الرياضية في جميع أنحاء العالم سياسات جديدة لمعالجة المخاطر التي لم تكن معروفة من قبل عن الارتجاج الدماغي المرتبط بالنشاط الرياضي. وعلى الصعيد الدولي، فإن الطريقة الأكثر فعالية للتعامل مع التغيرات المفاجئة في الإدارة الطبية لحالات الارتجاج الدماغي، هي اعتماد نهج موحد للإدارة الطبية من قبل الرياضات المنظمة.

وكان الدافع الرئيسي للاهتمام المتزايد بالارتجاج الدماغي هو الدعوى القضائية التي تم الترويج لها على نطاق واسع، والتي فاز بها لاعبو كرة القدم الأمريكية المحترفين السابقين الذين أصيبوا بالارتجاج الدماغي خلال مسيرتهم الرياضية. وكانت هذه الدعوى قد أقيمت في مواجهة الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية. وقد وُجد الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية مذنبا بالإهمال لعدم توعيته اللاعبين عن المخاطر المحتملة المتعلقة بالارتجاج الدماغي، والتشخيص غير المكتمل لحالات الإصابة به، وأخطاء التعامل معه. وقد تم التوصل إلى تسوية مالية بحوالي مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن يتم تحقيق المزيد.

 

ما هي المخاطر المترتبة على الإصابة بالارتجاج الدماغي؟

يمكن أن تترتب على إصابة الارتجاج الدماغي عواقب على المدى البعيد، ويمكن أن تكون هذه العواقب على الصعيدين الطبي والأدائي. ويعد تطور متلازمة ما بعد الارتجاج الدماغي واحدا من المضاعفات المحتملة التي تظهر على المدى القصير، وهي حالة تتطلب فترة طويلة للتعافي، قد تصل أحيانا إلى أكثر من عام. وهناك خطر آخر أكبر من ذلك وهو متلازمة التأثير الثاني، والتي يمكن أن تحدث عندما لا يتم التعامل مع الارتجاج الدماغي بطريقة سليمة، ثم تحدث ضربة أخرى في الرأس بينما لا يزال الدماغ ضعيفا من الإصابة الأولى. يمكن لهذه الحالة أن تكون قاتلة، كما يمكن أن تؤدي إلى حدوث إعاقة شديدة. وقد تم مؤخرا ربط الخلل الوظيفي المزمن للدماغ والذي يحدث على المدى الطويل - مثل حالة التنكس المبكر للدماغ، أو حالة اعتلال الدماغ الرضحي المزمن- بالارتجاج الدماغي. ومن منظور رياضي، يمكن أن تؤدي مشاركة اللاعب المصاب بالارتجاج الدماغي في اللعب إلى ضعف في الأداء، وزيادة خطر احتمالية حدوث أي نوع من أنواع الإصابات الأخرى.

 

هل يمكن الوقاية من الارتجاج الدماغي ومضاعفاته؟

الوقاية الكاملة من الارتجاج غير ممكنة، وخاصة في البيئة الرياضية، حيث يكون الاحتكاك جزءا من طبيعة اللعبة. ومع ذلك، فإن تعديلات القواعد، أو التدابير الوقائية الأخرى يمكن أن تساعد بالتأكيد في خفض معدل الإصابة والمضاعفات المصاحبة لها. ويمكن أن يقلل التعرف الدقيق على الارتجاج الدماغي (المحتمل)، متبوعا بالإدارة الصحيحة للحالة، من فرص ظهور بعض المضاعفات الخطيرة مثل متلازمة ما بعد الارتجاج الدماغي، والاعتلال الدماغي الرضحي المزمن.

ويمكن أن تكون الوقاية الكاملة من متلازمة التأثير الثاني التي يحتمل أن تكون قاتلة ممكنة، إذا تم إخراج اللاعب المصاب من الملعب فوراً عند الاشتباه بحدوث الارتجاج الدماغي.
 

من يتحمل المسؤولية في حالة الإصابة بالارتجاج الدماغي أثناء ممارسة الرياضة؟

لن يكون الرياضي قادرا في معظم الحالات على التعرف على إصابته بالارتجاج الدماغي، وبالتالي لن يكون قادرا على اتخاذ القرار بشأن كيفية التعامل معها. ولكن في معظم الرياضات الاحترافية، يوجد مقدم رعاية صحية مدرب بشكل مناسب لتقديم الخدمة الطبية أثناء التدريب وأثناء اللعب. ولا ينبغي أن يشكل التعرف على حالات الارتجاج الدماغي في البيئة الرياضية مشكلة، خاصة إذا أتيح لمقدم الرعاية الصحية الوقت لإجراء تقييم سليم للحالة. وللأسف، لا تزال هناك حالات يقوم فيها طاقم التدريب بتجاهل أو إلغاء القرارات والمشورة الطبية، ويمكن أن يكون ذلك خطيراً في حالات الاشتباه بإصابات الارتجاج الدماغي.

عادة ما تكون التغطية الطبية المناسبة محدودة في بطولات الهواة والشباب. ويشكل عدم الوعي بالأعراض والعواقب المحتملة للارتجاج الدماغي بين اللاعبين والمدربين وأولياء الأمور، وخاصة في أوساط الرياضيين الشباب، تهديداً حقيقيا لصحة الرياضيين.
 

ما هو أفضل نهج للتعامل مع إصابات الارتجاج الدماغي؟

تم بالفعل وضع بروتوكول طبي معتمد دولياً. وقد تبين أن الالتزام بالبروتوكول الطبي له نتائج إيجابية مهمة على جاهزية أي رياضي للمنافسة في أقرب وقت ممكن، وكذلك في منع المضاعفات الشديدة المرتبطة بالارتجاج الدماغي.

واتخذت الاتحادات الدولية مثل (فيفا)، وعالم الركبي، وأخرى غيرها، سياسات خاصة بالارتجاج الدماغي. وتهدف هذه السياسات إلى زيادة الوعي، وتحسين إمكانية التعرف على أعراض وعلامات الارتجاج الدماغي والتعامل المبكر معه، وتحديد مسار العودة إلى اللعب. وتحقيقاً لهذه الغاية، سيطبق الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أيضاً قاعدة جديدة، يمنح بموجبها مقدمو الرعاية الصحية 3 دقائق للتقييم الميداني في حالة الارتجاج الدماغي المحتمل خلال مونديال كأس العالم لكرة القدم 2018 في روسيا.

ومن أفضل الممارسات التي يتم تطبيقها حالياً، هي رفع مستوى الوعي العام وتثقيف العاملين في مجال الرياضة، مثل المدربين والحكام ومقدمي الرعاية الصحية؛ من المهنيين في مجال الرعاية الطارئة في الميدان إلى الممارسين العامين وأطباء الطوارئ وأطباء الطب الرياضي وغيرهم من التخصصات.